تولستوي وحكم النبي

[center]
قبر تولستوي في ضيعة "ياسنيا بوليانا" التي ولد ودفن فيها

احتفلت الأوساط الثقافية في روسيا بالذكرى المئوية لوفاة الأديب والفيلسوف ليف نيكولايفتش تولستوي (1828-1910) صاحب الملحمتين الروائيتين "الحرب والسلام" و"آنا كارينينا"، اللتين تتربعان على قمة الأدب الواقعي في العالم.
وارتبطت كتابات تولستوي بحياة البسطاء والدفاع عن حقوقهم, رغم نشأته في أسرة من كبار أسر النبلاء والإقطاعيين. لكنه انتصر لمبادئه وأخذ ينشر المقالات داعيا إلى المساواة بين الناس.
وبلغ عدد ما كتبه عشرة آلاف مقالة حتى لقب بـ"محامي مائة مليون من الفلاحين الروس", فذاع صيته وبدأ الناس يبحثون عنه لمعرفة المزيد عنه.
وخشيت زوجته حينها صوفيا أندرييفنا الأرستقراطية المرفهة من ضياع ثروة الأسرة، خصوصا بعد أن فتح مدرسة خاصة لأبناء المزارعين، وأنشأ مجلة "ياسنيا بوليانا" ليطرح فيها أفكاره التربوية بغية نشرها بين الناس.



بيت تولستوي الذي تحول إلى متحف




وقاتلت الزوجة الأرستقراطية بكل قواها لانتزاع زوجها مما هو فيه فاشتدت الخلافات بينهما، ورغم حبه الجارف لها فإنه ظل وفيا لمبادئه، وكان يقول "على المرء إذا أراد أن يعيش بشرف وكرامة، أن يتمتع بالقوة وأن يصارع كل المثبطات، فكلما خسر عاود الكفاح من جديد،موقنا أن الخلود إلى الراحة إنما هو دناءة روحية وسقوط".
حياة تعاش
عزم تولستوي بعد نزاعه الأرستقراطي على الرحيل، تاركا خلفه كل ما يملك من ثروة في ضيعته المسماة "ياسنيا بوليانا" بالقرب من مدينة تولا. فكتبت إليه زوجته تثنيه عن الرحيل، فرد عليها برسالة قال فيها "لا تظني أني فررت لأني لا أحبك.. إني أحبك, ولكني لا أملك غير ما فعلت".
وتابع في الرسالة "وداعا يا صوفيا, ليست الحياة مزحة وليس لنا من حق في أن نلقي بها حسب أهوائنا. ومن الخطأ أن نقيسها بعدد الأيام، وربما كان ما بقي لنا من أشهر أعظم أهمية من جميع ما عشناه من سنين، ويجب أن نحيا كما ينبغي".
في رائعتيه "الحرب والسلام" و"آنا كارينينا"، يقدم تولستوي صورة واقعية للحياة الروسية في تلك الحقبة الزمنية. وفي كتبه الأخرى مثل "ما الفن" يضع نظرية الفن للحياة التي تضفي على الفن بعدا دينيا وأخلاقيا اجتماعيا.
كما تعمق تولستوي كثيرا في القراءات الدينية وقاوم الكنيسة الأرثوذكسية التي رفضت آراءه فكفرته وأبعدته عنها.






تولستوي تخلى عن ممتلكاته لصالح الفلاحين



.حكم النبي
ولتولستوي كتاب عن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم بعنوان "حكم النبي محمد"، جاء فيه "مما لا ريب فيه أن النبي محمد كان من عظماء الرجال المصلحين، ويكفيه فخرا أنه هدى أمة بأكملها إلى نور الحق وفتح لها طريق المدنية".
ويضيف "وهذا عمل عظيم لا يقوم به شخص مهما أوتي من قوة، إن شريعة محمد ستسود العالم بانسجامها مع العقل والحكمة". كما اختار مجموعة من أحاديث الرسول بلغت 64 حديثا ضمنها كتابه ذاك.
وأولى الأديب الروسي الكبير احتراما خاصا للأدب الشعبي العربي. فعرف الحكايات العربية منذ طفولته مثل "علاء الدين والمصباح السحري", و"ألف ليلة وليلة"، و"علي بابا والأربعون حرامي"، و"قمر الزمان بين الملك شهرمان"، وقد ذكر أن هذه الحكايات تركت في نفسه أثرا كبيرا.
وبالرغم من مرور مائة عام على وفاته فلا تزال "ياسنيا بوليانا" الضيعة التي ولد ودفن فيها الأديب العبقري والحكيم المدهش قبلة السياح من كل حدب وصوب